بلدان تجذبك للعمل والعيش فيها بعد زيارة واحدة
هل خرجت في إجازة وتمنيت ألا تنتهي؟ تخيل أنك استمتعت بعطلة رائعة في مكان ما، وأسر هذا المكان عقلك وقلبك لدرجة أنك تمنيت ألا تغادره أبدا، أو أنك قررت أن تنتقل للعيش فيه لسنوات قادمة؟
قد يبدو الأمر وكأنه حلم جميل يصعب تحقيقه، لكنه يجب ألا يكون كذلك. وبالنسبة لبعض الناس، بات ذلك أمرا واقعا أن يحزموا حقائبهم وينتقلوا إلى بلد ما طالما حلموا بالعيش فيه، سواء من خلال تأسيس شركة، أو قضاء إجازة عمل تحولت إلى إقامة دائمة.
هذا ما فعله تماما جوناثان كيم قبل عامين. كان جوناثان يعمل في سانتا باربرا بولاية كاليفورنيا في مدرسة عبر الانترنت تعلم الملتحقين بها كيف يمكن أن يصبحوا مدربين متخصصين في مساعدة الناس على تحقيق أهدافهم في الحياة، لكنه اكتشف أنه قضى كل وقته في تشجيع الآخرين على تحقيق أحلامهم، بينما لم يسع هو وراء حلمه الخاص.
برامج إجازات العمل
هناك برامج خاصة بإجازات العمل تمنح مواطنين من عدة بلدان من الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18-30 عاما (أو 35 عاما في بعض البلدان) الفرصة للعيش والعمل في الخارج لمدة عام كامل.
وتشمل مثل هذه البرامج اتفاقية للتبادل الثقافي بين بعض البلدان بهدف تشجيع السياحة، وتعزيز التبادل بين مواطني الدول المشاركة في هذه البرامج.
وتعرض استراليا برنامج إجازات عمل من خلال نوعين من التأشيرات التي تمنح لمواطني 29 دولة مشاركة في البرنامج.
كما يمكن لمواطني كندا أن يعيشوا ويعملوا في 32 بلدا، بينما يمكن لمواطني هذه الدول ذاتها أن يعيشوا ويعملوا في كندا.
ويمكن لمواطني المملكة المتحدة العمل لمدة عام في سبع بلدان خارج الاتحاد الأوروبي.
لذلك استقال جوناثان كيم من عمله وسافر إلى آسيا لتوسيع آفاق حياته، فسحره جمال جزيرة بالي الإندونيسية، فاستقر بها ولم يغادرها مطلقا.
يقول كيم: “طلبت مني عائلتي أن استكشف “أوبود” الواقعة في بالي، لأن فيها مجموعة رائعة من الفنانين، وعندما وصلت إلى هنا، شعرت بانجذاب كبير إلى ثقافة المكان. لم أقابل مطلقا في حياتي أناسا كالذين التقيتهم هنا، وهكذا قررت البقاء.”
ابتكر كيم، البالغ من العمر 26 عاما، وصفة خاصة لتصنيع نوع من الجيلاتي (الآيس كريم) النباتي باستخدام جوز الهند، والتي حازت على إعجاب سكان أوبود من الأجانب الوافدين، لدرجة أن عددا منهم استثمر في هذا المنتج على الفور.
يسعى جوناثان كيم إلى افتتاح أول متجر له في أوبود في الفترة القصيرة القادمة.
وقد شجع ذلك كيم على الحصول على إقامة عمل وتأسيس شركة “كوكولاتو” للآيس كريم، التي تبيع عشرين نوعا من الآيس بالنكهات المختلفة في جميع أنحاء الجزيرة.
واستطاع كيم بعد ذلك الدخول في شراكة مع شركة محلية لتصنيع الأغذية، ويسعى إلى افتتاح أول متجر له في أوبود في الفترة القصيرة القادمة.
دراسة مسبقة
لا يسمح كل بلد لزائريه بالبقاء فيه إلى الأبد، وبعض البلدان لديها اتفاقيات لتبادل الزوار.
ويمثل الاستثمار في مجال الأعمال إحدى الوسائل للتعرف عن كثب على ثقافات البلدان الأجنبية، ولكن بالنسبة لمن يفضلون اختبار الأوضاع في هذا البلد قبل الانتقال إليه للإقامة، يعتبر الحصول على تأشيرة عمل مؤقتة خطوة أولى في غاية الأهمية.
وتكشف إحصائيات وزارة الهجرة وحماية الحدود الأسترالية النقاب عن أن أكثر من 173 ألف شخص يحملون إقامات عمل مؤقتة داخل أراضيها.
ولا تنشر أستراليا إحصاءات عن عدد الأشخاص الذين حولوا إقاماتهم المؤقتة إلى إقامات عمل، لكن من المعروف أنها الأسرع نموا من حيث السكان من بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وذلك بزيادة سنوية تصل إلى 1.8 في المئة، بحسب مكتب الإحصاء الأسترالي.
باتريشيو سيبولفيدا مواطن من تشيلي يبلغ من العمر 31 عاما. كان سيبولفيدا يعمل لدى شركة صغيرة للحاسوب في سانتياغو، لكنه تمكن قبل 4 سنوات من تحويل تأشيرة زيارة إلى سيدني صالحة لمدة عام إلى تأشيرة عمل جديدة.
يقول سيبولفيدا: “الفكرة كانت في البداية هي الإقامة في سيدني لستة أشهر وجمع ما يكفي من المال للسفر إلى جنوب شرق آسيا، ومن ثم العودة إلى تشيلي كما يفعل كثير من مواطنيها بعد تخرجهم من الجامعة.
لكن جمال الطبيعة، والإقامة بالقرب من شاطيء بوندي، وإغراء المال جعلني أفضل البقاء.”
ويستطرد قائلا: “لم يطلب مني أحد مقابلة للحصول على وظيفة لأنني لست مواطنا أستراليا، لكنني حصلت على عمل مؤقت كمدخل بيانات، ولاحظ صاحب العمل أنني أستطيع القيام بما هو أكثر من ذلك”.
ويضيف بأنه أسندت إليه بعد ذلك أربعة مناصب مختلفة خلال عامين من التحاقه بالشركة، ليحصل على راتب شهري يوازي راتب موظف كبير في تشيلي.
ويضيف: “عليك أن تبدأ من القاع، وأن يكون أداؤك جيدا، والشيء الإيجابي بشأن النظام المتبع في أستراليا هو أنهم يكافئونك على قدر مجهودك.”
تمكن المواطن التشيلي باتريشيو سيبولفيدا، الذي يبلغ من العمر 31 عاما، من الحصول على تاشيرة عمل في سيدني باستراليا
ويعمل سيبولفيدا الآن منسقا ماليا لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ لشركة مستلزمات طبية متعددة الجنسيات منحته وثيقة عمل من خلال تأشيرة عمل مؤقتة. وسيصبح سيبولفيدا مواطنا أستراليا في غضون الشهور القليلة القادمة.
دعوة إلى الحذر
ليس جميع الأشخاص يتمتعون بنفس جرأة كيم، فالبعض مثل باربرا كوكاك، يعشقون بعض المقاصد التي زاروها، لكن ينبغي عليهم رسم خطة دقيقة حول كيفية العودة إلى هناك، وما الذي سيقومون به فور وصولهم.
قضت كوكاك عطلتها الأولى في كوستاريكا قبل 20 عاما، وبعد ست سنوات اشترت منزلا يطل بالكامل على شاطيء المحيط الهادئ، وتحيط به حديقة استوائية تتردد عليها باستمرار حيوانات مختلفة.
ومنذ عشر سنوات، تدير كوكاك شركة خاصة لتأجير الفيلات تطل على ساحل المحيط الهادئ بالقرب من مدينة دومينكال.
هذه نقلة كبيرة في حياة كوكاك تختلف تماما عن عملها السابق في مجالي التعليم والتسويق في تشارلستون بولاية كارولينا الجنوبية في أمريكا. لكنها تقول إن قرار الانتقال إلى كوستاريكا كان محسوبا بدقة.
وتضيف كوكاك: “بالتأكيد لم يكن من السهل أن تقطع أواصر علاقاتك بكل من حولك وبالمكان الذي تعيش فيه وتهاجر للاستقرار في مكان آخر. لقد بنيت علاقة صداقة مع إحدى العائلات في كوستاريكا ولا تزال هذه العلاقة قوية جدا حتى يومنا هذا، ومع مرور الأيام تعززت لدي فكرة تأسيس منزل ثان هنا في كوستاريكا، وأؤجره في الوقت الذي لا أكون فيه هناك”.
بعد مرور أكثر من عشر سنوات من شرائها ذلك البيت، حصلت كوكاك على إقامة دائمة من الحكومة في كوستاريكا.
سلبيات العيش في الخارج
طريق الانتقال للعيش في الخارج ليس دائما مفروشا بالورود. تعرف كوكاك وافدين قدموا للعيش في كوستاريكا لتتحول أحلامهم الوردية إلى كابوس.
وتقول كوكاك: “يأتي الناس إلى هنا ويعشقون المكان، ويستثمرون فيه أموالهم ليكتشفوا بعد قليل أن الحياة تختلف عما اعتادوا عليه في أوطانهم.
ولقد وجدت أن الأمر صعب بشكل خاص على الزوجين الذين تقاعدا للتو، إذ أنه لا يجب عليهما فقط قضاء وقت أطول مع بعضهما البعض أكثر من السابق، بل إن أحدهما يحب المكان ويشعر فيه بالارتياح أكثر من الآخر”.
يقول كيم إنه لم يتوقع مطلقا حجم التحديات التي سيواجهها في العيش في بالي.
ويضيف:”لم تتوقف الصعوبات التي واجهتها عند اللغة والتواصل مع الآخرين والتي تمثل عائقا أمام إدارة نشاط تجاري، لكنني واجهت مجموعة من الاختلافات الثقافية مقارنة بأسلوب العمل في الغرب. هذا الاختلاف الهائل في المفاهيم دفعني إلى أن أغير من طريقة تفكيري تماما”.
يعني العيش خارج بلدك الأصلي فراق الأحباء. فعلى الرغم من حصول سيبولفيدا على عمل جيد ودخل لا بأس به، ومنزل قريب من شاطيء البحر في سيدني، فإن عائلته وأصدقاءه لا يزالون بعيدين عنه في تشيلي.
يقول سيبولفيدا: “أعيش الآن في خضم ثقافة مختلفة، الناس من حولي يتحدثون لغة مختلفة، ولا يجمعني بهم تاريخ مشترك، لذا من الصعب بناء علاقات قوية مثل التي أقمتها في سانتياغو.
ويضيف: “يمكنك أن تحقق الكثير من المكاسب من العيش في الخارج، لكن في المقابل فإنك يجب أن تكون مستعدا للتضحية بأشياء كثيرة جدا”؟
تعقيب من موقعك.